عشرون [20]منظمة ومؤسسة ليبية تصدر بيان صحفي بمناسبة اليوم الدولي للمهاجرين  

نص البيان:

اليوم الدولي للمهاجرين

“لكلّ شخص يهاجر أسبابه التي حملته على التخلي عن منزله وعن عائلته، ولكلٍ شخص من هؤلاء الأشخاص تجاربه الفريدة خلال الرحلة، وقصته عن المنفى والانتماء”

في مثل هذا اليوم اعتمدت الجمعية العامة لأمم المتحدة الاتفاقية الدولية لحماية حقوق جميع العمال المهاجرين وأفراد أسرهم، والدولة الليبية من ضمن الدول التي صادقت على هذه الاتفاقية. واختارت الجمعية العامة للأمم المتحدة، في 4 ديسمبر في عام 2000، يوم 18 ديسمبر من كل عام ليكون يوما دوليا للمهاجرين.

وتحتفل الكثير من الدول الأعضاء، وكذلك المنظمات الحكومية الدولية والمنظمات غير الحكومية باليوم الدولي للمهاجرين، بعدة طرق من بينها نشر معلومات عن حقوق الإنسان والحريات الأساسية لجميع المهاجرين وأيضا من خلال تبادل الخبرات ووضع الإجراءات التي تكفل حماية تلك الحقوق.

و لا تزال ليبيا من بين الدول التي يُذكر اسمها بشكل مستمر في عناوين الصحف والأخبار والتقارير الدولية والحقوقية بشأن المهاجرين واللاجئين، حيث تشهد الساحة الليبية، منذ تدهور الأوضاع الأمنية بسبب انتشار السلاح والمواجهات المسلحة والخلافات السياسية، انتهاكات جسيمة لحقوق الإنسان، مواطنين ومهاجرين ولاجئين، والفئة الأخيرة بشكل خاص كونهم الأشد ضعف وهشاشة.  

منذ مطلع إبريل لعام 2021 عانى المهاجرون المحتجزون في مراكز الاحتجاز في ليبيا أوضاعاً صعبة للغاية، خصوصاً بعد الحرب التي دار رحاها في الغرب الليبي، وتعرض العشرات منهم للقتل والنزوح والاعتقال المتكرر من قبل عديد الجهات. كما شهد هذا العام توقف جميع رحلات الطيران المعنية بالعودة الطوعية ورحلات الإجلاء من قبل السلطات الليبية. وبعد التنديدات التي صدرت من منظمات دولية وحقوقية، بشأن حملات الاعتقال الجماعي لقرابة 5000 مهاجر، بينهم أعداد كبيرة من طالبي اللجوء، أعلنت الأمم المتحدة ومنظمة الهجرة الدولية عن استئناف رحلات الاجلاء والعودة الطوعية الإنسانية في شهر نوفمبر الماضي.

لم يكن الحال بالأفضل بالنسبة للمهاجرين والعمال في الشرق الليبي، حيث استمر تجار البشر والمهربون في منطقتي امساعد وضواحي مدينة طبرق في احتجاز المهاجرين والعمال وطلب الفدية بعد وضعهم في مخازن كبيرة للاحتجاز، وقد أكدت عشرات الشهادات أنهم تعرضوا للتعذيب والضرب لجبر عائلاتهم على دفع الفدية مقابل الإفراج عنهم. ورغم كل الجهود التي تبذلها السلطات المحلية هناك لا يزال القضاء على شبكات الاتجار صعب المنال. كما شهد هذا العام إعادة قسرية وغير مستوفية الشروط للعديد من المهاجرين وطالبي اللجوء من منطقة الكفرة جنوب ليبيا، حيث أدان مكتب مفوض الأمم المتحدة السامي لحقوق الإنسان قيام السلطات الليبية بإعادة 18 سودانيا “قسرا” إلى بلادهم، دون أن يحظوا بفرصة للحصول على المساعدة القانونية. الهيئة الأممية اعتبرت أن ما قامت به السلطات الليبية انتهاكا للقانون الدولي لحقوق اللاجئين ولشرعة حقوق الإنسان.

كما استمر الاتحاد الأوروبي في دعم المنظمات الدولية في تنفيذ مشاريعها المعنية بحماية المهاجرين وطالبي اللجوء، بالتنسيق الكامل مع السلطات في الشرق والغرب. إلا أن هذه المشاريع والأنشطة يراها مراقبون ومنظمات غير حكومية ليبية أنها لا تستجيب للاحتياج الحقيقي للمهاجرين واللاجئين. فلا تزال مراكز الاحتجاز – التي  تزورها المنظمات الدولية، وتقوم تنفيذ برامجها وأنشطتها فيها – يُحتجز فيها الأطفال والقاصرون مع البالغين ولا يتم الفصل بينهم، كما لا يزال احتجاز النساء في جميع المراكز يشرف عليه رجال دون أي إشراف تقوم به عناصر شرطة نسائية. كما فشلت المنظمات الدولية في تتبع أماكن تواجد المهاجرين وطالبي اللجوء رغم ادعائها بحصر أعدداهم والتواصل معهم في برامج التسجيل أو الرعاية الصحية أو العودة الطوعية.

ولم يتوقف الأداء السلبي للجهات الدولية والاتحاد الأوروبي، فقد استمر إرجاع المهاجرين واعتراضهم في البحر وإعادتهم قسراً إلى الشواطئ الليبية رغم علم جميع الأطراف بخطورة الوضع على الأرض، حيث تعرض المئات منهم للاحتجاز والتشريد والقتل في عديد المرات بعد إرجاعهم للموانئ الليبية دون تقديم أية ضمانات حقيقية يوفرها الجانبين الأوروبي والليبي لحماية من يتم إرجاعهم واحترام إنسانيتهم وصون كرامتهم.  

يمر اليوم العالمي للمهاجرين وهم يعانون في ليبيا ظروف عصيبة، فعدم وجود تشريعات محلية واضحة تتوافق مع الاتفاقيات التي صادقت عليها الدولة الليبية زاد من معاناة المهاجرين وطالبي اللجوء. كما أن تجريم الدولة الليبية الجميع ووضعهم في سلة “الهجرة غير الشرعية” مع تناسي التزاماتها، كدولة طرف في اتفاقية الوحدة الأفريقية التي تنظم أوضاع اللاجئين، فيما يتعلق بطالبي الحماية وتوفير المكان الآمن لهم والاعتراف بهم أنهم طالبو حماية.  كما يمر اليوم الدولي للمهاجرين على طالبي اللجوء المعتصمين أمام مقر مفوضية اللاجئين بعد أن تجاوزوا يومهم السبعين دون رعاية ولا مساعدات إنسانية تقدم لهم، بعد أن تعرضت أماكن سكنهم لهجمة عنيفة نفذتها جهات حكومية، دون أن تراعي الأوضاع الإنسانية للنساء والأطفال منهم وباقي الفئات الضعيفة .

إن السياسات الجائرة القائمة على انعدام الأساس الإنساني، والتي تتبناها دول المصدر والعبور والمقصد، من إغلاق الموانئ وتكثيف الدوريات البحرية في أعالي البحار وقبالة الشواطئ لن توقف أفواج الهجرة، بل ستزيد من عدد الضحايا الذين يهلكون عطشا في الصحراء، أو غرقا في البحر، أو على يد عصابات مجرمة عابرة للحدود من مهربين وتجار بشر، الذين ازدادت سلعتهم وتجارتهم رواجاً بسبب هذه السياسات اللا إنسانية.

المنظمات الموقعة على هذا البيان تؤكد وتوصي بما يلي: 

  • السلطات الليبية: 
    1. يجب عليها أن تتحمل مسؤوليتها في حماية حدودها وأن تسخر طاقاتها في حماية الجنوب وشواطئ البحر، للحد من عمليات التهريب، مع إعطاء الأولوية لمكافحة شبكات التهريب والاتجار بالبشر بما لا يُعرض حياة وسلامة المهاجرين وطالبي اللجوء للخطر خلال تفكيك ومواجهة هذه العصابات والجماعات المسلحة.
    2. ينبغي على السلطة التشريعية أن تُضَمِّن الاتفاقيات التي صادقات عليها، والتي من بينها اتفاقية حقوق الطفل والاتفاقية الإفريقية لحل مشاكل اللاجئين في إفريقيا، ضمن نصوص قوانينها الوطنية ذات الصلة.
    3. أن تراجع اتفاقياتها مع الاتحاد الأوروبي لتكون مرتبطة بمشاريع وعمليات تعالج أسباب الهجرة غير النظامية في دول المصدر ودول المقصد،
    4. أن تجعل في مراجعتها لاتفاقياتها مع دول الاتحاد الأوروبي بخصوص الهجرة غير النظامية ترجمة صريحة وحقيقيةً للوفاء بالتزاماتها باحترام وتعزيز وحماية حقوق الإنسان وحقوق اللاجئين والمهاجرين كما هو منصوص عليها في القانون الدولي لحقوق الإنسان.
    5. أن تلتزم المعايير الدولية لظروف احتجاز المهاجرين، من حيث النظافة والطعام والمعاملة الإنسانية والخدمات الصحية، في المراكز التي يشرف عليها ويديرها “جهاز مكافحة الهجرة غير الشرعية”، والحفاظ على كرامتهم طيلة فترة احتجازهم خصوصاً في ظل ظروف جائحة كورونا، وفتح التحقيقات والمساءلة والمحاسبة للمسؤولين عن هذه المراكز حول مزاعم الانتهاكات، والبحث عن بدائل ناجحة للاحتجاز.
    6. أن تنضم الى “الاتفاق العالمي للهجرة الآمنة والمنظمة والمنتظمة” الصادر عن الجمعية العامة للأمم المتحدة والذي اعتمدته دول العالم رسمياً في مؤتمر دولي في مدينة مراكش، بالمغرب، يوم 10 ديسمبر من العام  2018 .

  • الاتحاد الأوروبي:
    1. يجب تبني أكبر قدر من الشفافية في المفاوضات مع ليبيا حول كافة القضايا المتعلقة بالهجرة والمراقبة الحدودية.
    2. يجب التزام جميع الأطراف بمعايير حقوق الإنسان، خاصةً المرتبطة منها بحقوق المهاجرين واللاجئين. 
    3. يجب العمل على مكافحة شبكات تهريب وتجارة البشر العابرة للحدود، العاملة في بلد المصدر وبلدان العبور وبلدان المقصد، وهذا يتطلب تعاون دولي بين البلدان المعنية.
    4. تفعيل وتطوير الاتفاقيات التي أبرمها الاتحاد الأوروبي مع الاتحاد الأفريقي، سواء الاتفاقيات المتعددة الأطراف أو الثنائية، والتي تشمل مشاريع تنموية من شأنها معالجة بعض أسباب الهجرة.
    5. مراجعة السياسات والقيود التي تضعها دول الاتحاد على الهجرة المنظمة بما يوفر أكبر قدر ممكن من الهجرة النظامية الآمنة، وبما يقلل من لجوء المهاجرين إلى المخاطرة بحياتهم لأجل توفير حياة أفضل لأنفسهم ولأبنائهم.

  • المنظمات الدولية؛
    1. أن تُسَرِّعْ المفوضية السامية لشئون اللاجئين (UNHCR) في إجراءات تسجيل طالبي اللجوء وأن يكون لها مكاتب وفروع في المدن الليبية الرئيسية وألا تستكفي بمكتبها الوحيد في العاصمة طرابلس في بلدٍ تقول إنها سجلت فيه أكثر من 42 ألف طالب حماية.
    2. أصبح من الملح أن تلتزم المفوضية السامية لشئون اللاجئين بإبرام مذكرة تفاهم مع  السلطات الليبية وأن يكون عملها ضمن إطار قانوني واضح يضمن حقوق وواجبات جميع الأطراف 
    3. على المنظمة الدولية للهجرة (IOM) أن يكون لها تواجد في المناطق البعيدة عن العاصمة والمدن التي يشتكي فيها المهاجرون من عدم وجود مكاتب أو تواصل الدولية للهجرة فيها. 
    4. أن تحث السلطات الليبية على ضرورة الالتزام بالمعايير الدولية لظروف احتجاز المهاجرين، من حيث النظافة والطعام والخدمات الصحية والمعاملة ، في المراكز التي يشرف عليها ويديرها “جهاز مكافحة الهجرة غير الشرعية”، وأن تتوافق مع المعايير المحلية لظروف الاحتجاز كتلك المنصوص عليها في القانون رقم 5 لسنة 2005 بشأن مؤسسات الاصلاح والتأهيل ولائحته التنفيذية، خاصة البنود المتعلقة بفصل النزلاء والمعاملة الانسانية وتوفير الملبس والطعام والشراب والرعاية الصحية المناسبة و إمكانية التواصل مع عائلته، إضافة إلى الضمانات القضائية للمحتجزين سواء في عرضهم على النيابة المختصة أو توفير المترجم و المحامي .
    5. مراجعة تعاملها مع بعض المراكز التي تحوم حولها شبهات التورط في انتهاكات حقوق المهاجرين، ومطالبة الإدارة الرئيسية “لجهاز مكافحة الهجرة غير الشرعية” بتصحيح أوضاع هذه المراكز وتغيير إداراتها أو إغلاقها، وإخطار السلطات الليبية بهذه الانتهاكات والتجاوزات.
    6. على الجمعيات المحلية وكذلك جميعة الهلال الأحمر أن توحد جهودها في إيصال المساعدات الإنسانية للفئات الضعيفة خصوصاً المجموعات المتواجدة منذ 75 يوماً أمام مقر مفوضية اللاجئين مطالبين بالإجلاء.  

طرابلس – ليبيا

18 ديسمبر 2021

المنظمات الموقعة على هذا البيان:

  1. منظمة صوت المهاجر، الزاوية.
  2. مؤسسة العابرين لمساعدة المهاجرين والخدمات الإنسانية، طبرق.
  3. مؤسسة بلادي لحقوق الإنسان، صبراتة.
  4. منظمة البريق لحقوق الطفل، طرابلس.
  5. حقوقيين بلا قيود، بنغازي.
  6. المنظمة العربية الدولية لحقوق المرأة، طرابلس.
  7. منظمة التضامن لحقوق الإنسان، طرابلس.
  8. منظمة 17 فبراير للبيئة وحقوق الإنسان، طرابلس.
  9. منظمة رواد الفكر ماترس.
  10. منظمة شباب ماترس.
  11. جمعية الشراع لمكافحة الإيدز والمخدرات، درج. 
  12. منظمة المتوسط للتنمية والإغاثة، صرمان.
  13. منظمة إحقاق للتنمية المستدامة لحقوق المرأة والطفل، طرابلس.
  14. الشبكة الليبية لحماية حقوق الطفل، طرابلس.
  15. منظمة الناس للناس لدعم الشباب، مصراتة.
  16. جمعية تموست الثقافية الاجتماعية، سبها.
  17. مؤسسة الصحافة الحرة، صبراتة.
  18. جمعية الخير للأشخاص ذوي الإعاقة، صبراتة.
  19. جمعية بصمة أمل لأطفال التوحد، صبراتة.
  20. منظمة شموع لا تنطفي لذوي الإعاقة، صبراتة.