بيان مشترك لسبعة عشر منظمة من منظمات المجتمع المدني في ليبيا بمناسبة اليوم الدولي للتضامن مع الشعب الفلسطيني

أنقذوا أهل فلسطين من حرب الإبادة الإسرائيلية

“اليوم الدولي للتضامن مع الشعب الفلسطيني”، 29 نوفمبر من كل عام، هو يوم دعت له الجمعية العامة للأمم المتحدة[i]، عام 1977، للتذكير بمعاناة الشعب الفلسطيني الذي يبلغ تعداده قرابة ثمانية ملايين نسمة. يوفَّر اليوم الدولي للتضامن فرصة لأن يركز المجتمع الدولي اهتمامه على حقيقة أن قضية فلسطين لم تُحل بعد، وأن الشعب الفلسطيني لم يحصل بعد على حقوقه غير القابلة للتصرف على الوجه الذي حددته الجمعية العامة، وهي الحق في تقرير المصير دون تدخل خارجي، والحق في الاستقلال الوطني والسيادة، وحق الفلسطينيين في العودة إلى ديارهم وممتلكاتهم التي أُبعِدوا عنها منذ عام 1948م.

ويواجه الشعب الفلسطيني، في هذا اليوم، في هذا العام، بعد خمسة وسبعين عاما من نكبة 1948، خطر جريمة تطهير عرقي في الضفة الغربية وغزة وجريمة إبادة جماعية في غزة[ii]. منذ السابع من أكتوبر والعالم يشاهد ويتابع جريمة إبادة، مكتملة الأركان، ترتكبها قوات الاحتلال الإسرائيلي، ورغم مظاهرات واحتجاجات ملايين الأحرار، الذين جابوا عواصم العالم، لم يتدخل أحد لوقف العدوان. عدوان راح ضحيته، في أقل من شهرين، أكثر من إثنين وعشرين ألفاً بين قتيل ومفقود، وأكثر من خمسة وثلاثين ألف جريح[iii]. ووفقا لمنظمة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (أونروا) إن 70% ممن استشهدوا في قطاع غزة جراء الغارات الإسرائيلية، هم من الأطفال والنساء[iv]. وتيرة القتل في غزة غير مسبوقة في القرن الحالي[v].

إضافة للخطر الداهم من القتل جراء القصف الإسرائيلي، يعاني سكان القطاع من نفاد إمدادات المياه والأغذية والوقود والأدوية، وتم تدمير 60% من البنية التحتية في قطاع غزة وأكثر من 300 ألف من المباني السكنية إما دُمرت بالكامل أو جزئياً، مما أدى إلى نزوح ما يُقدر بنحو 1.7 مليون نسمة من بيوتهم. وحذرت منظمة الأمم المتحدة للطفولة[vi]، اليونيسف، من أن “تصاعد الأعمال العدائية يؤدي إلى تأثيرات كارثية على الأطفال والأسر”.

إن قضية فلسطين هي قضية شعب يطالب بحقه في تقرير المصير، حقه في العيش حراً على أرضه وأرض أجداده. إنها قضية حقوقية وإنسانية تَهُم كل أحرار العالم، ويجب التضامن مع الشعب الفلسطيني على جميع الأصعدة، وألا نستكفي بنصرتهم برفع ولبس الكوفية كرمز لحقهم في أرضهم.

تُعرب المنظمات المشاركة في هذا البيان (المنظمات المشاركة) استنكارها للموقف اللا إنساني، والمناقض للقانون الدولي الإنساني والقانون الدولي لحقوق الإنسان، لعدد من الدول[vii] إزاء جريمة الإبادة التي يواجهها الشعب الفلسطيني، في قطاع غزة والتطهير العرقي في الضفة الغربية. دول طالما كانت تزعم أنها رائدة في مجال حقوق الإنسان، وأنها حريصة على تطبيق القانون الدولي الإنساني، ولكن تظهر بمظهر مناقض تماما[viii]. الموقف المخزي لعدد من الدول لن يتوقف عند فقد هذه الدول لمصداقيتها، فيما يتعلق بحقوق الإنسان وسيادة القانون، بل ربما ستكون له آثار سلبية على تعزيز حقوق الإنسان واحترام القانون الدولي الإنساني والتعاون الدولي.

في مقابل هذا الموقف الخاذل، لاحظت المنظمات المشاركة المواقف المشرفة والنبيلة من بعض الدول وكثير من الساسة الذين طالبوا من أول يوم من العدوان بوقف العدوان، وبادرت بعض الدول إلى اللجوء إلى المحكمة الجنائية الدولية لمقاضاة الكيان الصهيوني بشأن جريمة الإبادة[ix]، وكذلك اتخذ بعض القادة السياسيين[x]، من أوروبا وأمريكا اللاتينية، ذات المبادرة.

إن المنظمات المشاركة تثني على موقف دور حكومة الوحدة الوطنية تجاه أهل غزة في محنتهم، حيث اعتبرت ليبيا من أكثر الدول التي قدمت المساعدات الإنسانية للمتضررين في غزة، منذ الساعات الأولى للعدوان. كما تثني المنظمات على القرارات التي صدرت بشأن مساعدة ودعم الأشقاء الفلسطينيين المتواجدين في ليبيا، من منحهم تسهيلات وخدمات أسوة بالمواطنين الليبيين، والتي تأمل المنظمات أن تُطبق هذه القرارات فعلياً.

كما تدعو المنظمات المشاركة في هذا البيان حكومة الوحدة الوطنية بالقيام، عبر بعثاتها في المنظمات الدولية، بخطوات حقيقية جادة في المحافل الدولية ومنها دعوة مجلس حقوق الإنسان، بالتعاون مع ثلث الدول الأعضاء، لعقد جلسة استثنائية للمجلس خاصة بالجرائم الخطيرة التي ترتكبها قوات الاحتلال في غزة والضفة والدعوة لتشكيل لجنة تحقيق دولية مستقلة. كما تدعو المنظمات حكومة الوحدة الوطنية أن تحذو حذو حكومة غامبيا، التي تقدمت بشكوى ضد حكومة ميانمار أمام محكمة العدل الدولية بشأن التطهير العرقي التي ترتكبه حكومة ميانمار ضد الروهينيغا[xi]، بأن تتقدم بشكوى أمام محكمة العدل الدولية بشأن جريمتي الإبادة والتطهير العرقي في الأراضي الفلسطينية المحتلة.

كذلك تدعو الحكومة إلى مناصرة الحقوق المشروعة للشعب الفلسطينيين في كل المنظمات والمحافل الدولية، حتى يستعيد أهل فلسطين كامل حقوقهم. إن الاحتلال الإسرائيلي هو سبب استمرار معاناة الفلسطينيين أصحاب الأرض، ويجب إنهاء حالة الاحتلال لوضع حد لهذه المعاناة، كما يجب تصحيح تبعات الاحتلال بإعادة الحقوق إلى أصحابها وتعويضهم.

المنظمات المشاركة في البيان:

  1. حقوقيون بلا قيود، بنغازي.
  2. منظمة شباب ماترس، ماترس.
  3. جمعية القلوب البيضاء، سبها.
  4. منظمة رواد الفكر ماترس، ماترس.
  5. جمعية تبينوا لحقوق الإنسان، نالوت.
  6. منظمة البريق لحقوق الطفل، طرابلس.
  7. مؤسسة بلادي لحقوق الإنسان، صبراتة.
  8. منظمة النصير لحقوق الإنسان، طرابلس.
  9. منظمة التضامن لحقوق الإنسان، طرابلس.
  10. جمعية بصمة أمل لأطفال التوحد، صبراتة.
  11. المنظمة المستقلة لحقوق الإنسان، مصراته.
  12. منظمة شباب التوارق للحوار والمناظرة، سبها.
  13. جمعية الخير للأشخاص ذوي الإعاقة، صبراتة.
  14. منظمة شموع لا تنطفي لذوي الإعاقة، صبراتة.
  15. المنظمة العربية الدولية لحقوق المرأة، طرابلس.
  16. جمعية تيميط للفنون والتراث الليبي الأصيل، سبها.
  17. منظمة إحقاق للتنمية المستدامة لحقوق المرأة والطفل، طرابلس.

طرابلس – ليبيا

29 نوفمبر 2023


 

[i] الجمعية العامة للأمم المتحدة: “قرار رقم (40/32 ب)“، الجلسة العامة 91، 3 ديسمبر 1977.

[ii] القدس: “استقالة مدير المفوضية السامية لحقوق الإنسان احتجاجا على الإبادة الجماعية في غزة“، 31 أكتوبر 2023. أعلن مدير مكتب نيويورك للمفوضية السامية لحقوق الإنسان كريغ مخيبر استقالته من منصبه، احتجاجا على تعاطي الهيئات الأممية مع الوضع في قطاع غزة. وشدد مخيبر على ضرورة تحمل المنظمة الأممية لمسؤولياتها، وقال: “نشهد، مرة أخرى، إبادة جماعية تتكشف أمام أعيننا، ويبدو أن المنظمة التي نخدمها عاجزة عن وقفها، ما يحدث بغزة حالة إبادة جماعية“. المجلس الدولي لدعم المحاكمة العادلة وحقوق الإنسان: “رسالة استقالة مدير مكتب المفوض السامي لحقوق الإنسان في نيويورك كريج مخيبر“.

[iii]  صحيفة الشرق: “وزيرة الصحة الفلسطينية: ارتفاع عدد الضحايا في غزة إلى 16 ألفاً والمصابين إلى 35 ألفاً“، 27 نوفمبر 2023. قالت وزيرة الصحة الفلسطينية مي الكيلة الاثنين، إن عدد ضحايا القصف الإسرائيلي في قطاع غزة ارتفع إلى 16 ألفاً و35 ألف مصاب. وأضافت الوزيرة في مؤتمر صحافي بمدينة العريش المصرية إن عدد المفقودين في أحداث القطاع بلغ ستة آلاف مفقود من ضمنهم 1700 طفل. وقالت إن 56 ألف وحدة سكنية دُمرت تدميراً كاملاً، وإن 240 ألف بيت دُمرت تدميراً جزئياً. وأضافت أن 60 في المئة من البنية التحتية تعرضت للتدمير.

[iv]  قناة الجزيرة: “أونروا: 70% من شهداء غزة أطفال ونساء”، 31 أكتوبر 2023. خلال الثلاثة أسابيع الأولى من العدوان، 70% ممن استشهدوا كانوا من الأطفال والنساء، وفي الأسابيع التالية صعَّد جيش الاحتلال قصف المستشفيات والمدارس التي كانت تتخذها الأسر النازحة ملجأ، ولذا من المحتمل أن نسبة الأطفال والنساء بين الضحايا ربما تزيد 70%.

[v]  قناة الجزيرة: “نيويورك تايمز: وتيرة الموت بالقصف الإسرائيلي على غزة غير مسبوقة بالحروب“، 26 نوفمبر 2023. ذكرت صحيفة “نيويورك تايمز” أن عدد النساء والأطفال الذين استُشهدوا جراء العدوان الإسرائيلي على قطاع غزة، بلغ في أقل من شهرين ضعف من قُتلوا في عامين بأوكرانيا. وبعد تقييمها لطبيعة الصراعات السابقة والمقابلات التي أجرتها مع خبراء في مجالي الأسلحة وحصر الخسائر، وصفت الصحيفة الأميركية العدوان الإسرائيلي على غزة بأنه مختلف. ورغم أن أعداد القتلى في زمن الحرب لن تكون دقيقة أبدا، فإن الخبراء يقولون إنه حتى بقراءة متحفظة لأرقام الضحايا الواردة من غزة تظهر أن “وتيرة الموت” خلال الحملة العسكرية الإسرائيلية ليس لها سوابق كثيرة في القرن الحالي.

[vi]  منظمة الأمم المتحدة للطفولة: “الأطفال في غزة بحاجة إلى دعم منقذ للأرواح“، 21 نوفمبر 2023. ؤدي تصاعد الأعمال العدائية في قطاع غزة إلى تأثيرات كارثية على الأطفال والأسر، إذ يموت الأطفال بمعدل مقلق، وتفيد التقارير أن أكثر من 5000 طفل قُتلوا وآلافاً آخرين أصيبوا بجراح. ويُقدّر أن 1.7 مليون شخص في قطاع غزة هُجّروا، وأكثر من نصفهم أطفال، وقد نفدت إمدادات المياه والأغذية والوقود والأدوية، كما تدمرت منازل الأطفال وتشتت أسرهم. لا يجب حرمان أي طفل من الخدمات الأساسية، ولا يجب منع المساعدات الإنسانية من الوصول إليه. وكذلك لا يجب احتجاز أي طفل كرهينة أو استخدامه بأي وسيلة كانت في نزاع مسلح. ويجب حماية المستشفيات والمدارس من القصف، ويجب ألا تُستخدم هذه المرافق لأغراض عسكرية، وذلك وفقاً للقانون الدولي الإنساني. ويجب ألا يعاني أي طفل من تهديد القصف بينما هو نائم في فراشه

[vii]  المجلس الدولي لدعم المحاكمة العادلة وحقوق الإنسان: “رسالة استقالة مدير مكتب المفوض السامي لحقوق الإنسان في نيويورك كريج مخيبر“. اقتباس من رسالة السيد كريج مُخيبر: “حسب الصكوك الدولية نحن أمام حالة إبادة جماعية. لقد دخل المشروع الاستعماري الاستيطاني الأوروبي القومي العرقي في فلسطين مرحلته النهائية، نحو التدمير السريع لآخر بقايا الحياة الفلسطينية الأصلية في فلسطين. والأكثر من ذلك أن حكومات الولايات المتحدة والمملكة المتحدة وجزء كبير من أوروبا متواطئة بالكامل في هذا الهجوم المروع. ولا ترفض هذه الحكومات الوفاء بالتزاماتها بموجب المعاهدة “لضمان احترام” اتفاقيات جنيف فحسب، بل إنها في الواقع تعمل بنشاط على تسليح الهجوم، وتوفير الدعم الاقتصادي والاستخباراتي، وتوفير الغطاء السياسي والدبلوماسي للفظائع التي ترتكبها إسرائيل“.

[viii]  صحيفة الغارديان: “The war in Gaza has been an intense lesson in western hypocrisy. It won’t be forgotten“، 27 نوفمبر 2023. اقتباس “لقد كانت الحرب في غزة درساً قاسياً في النفاق الغربي، لن يتم نسيانه. الدرس وحشي وقصير: حقوق الإنسان ليست عالمية، والقانون الدولي يُطبق بشكل تعسفي”.

[ix]  قناة الجزيرة: “5 دول تطلب من الجنائية الدولية التحقيق في العدوان الإسرائيلي على غزة“، 18 نوفمبر 2023. اقتباس “قال المدعي العام للمحكمة كريم خان إن مكتبه تلقي “طلبا للتحقيق بشأن الوضع في دولة فلسطين صادر عن الدول الأطراف الخمس، جنوب أفريقيا، وبنغلادش، وبوليفيا، وجزر القمر، وجيبوتي“.

[x] الحساب الشخصي للسيدة ايوني بيلارا، وزيرة الشؤون الاجتماعية في إسبانيا: “يتقدم أكثر من 80 من القادة السياسيين من جميع أنحاء أوروبا وأمريكا اللاتينية بالشكوى ضد نتنياهو أمام المحكمة الجنائية الدولية، ويطلبون منها إصدار مذكرة اعتقال ضده وضد دائرته الداخلية. حان الوقت لاتخاذ الإجراءات اللازمة“،

[xi]  قناة الجزيرة: “غامبيا: على محكمة العدل الدولية وقف الإبادة الجماعية للروهينيغا .. وسو تشي تمثل أمام المحكمة“، 10 ديسمبر 2023.